تمنَّينا ، وسيصنعون
نحن لا نريد أن نمنع أبناءنا وبناتنا من سبر أغوار أحدث ما تطلع به علينا العلوم كل دقيقة بل وكل ثانية من برامج تعليمية أو تطبيقية في سبيل رفع المستوى العلمي والفكري ، ليحصد ثماره المجتمع فيما بعد عطاء" وامتيازات كثيرة .
نحن لا نريد أن لا يطَّلع الجميع على ما يحلوا لهم من معارف ، أيّا" كانت ،بواسطة وسائل الاعلام بكافة صنوفها المرئية والمسموعة والمقروءة أو بواسطة حديث الزمان الجديد ، الشبكات الالكترونية .
لكن بشرط أن لا تنقلب هذه المعارف لتظهر بشكل صفاقة ووقاحة يتأثر بها السمع ، وتمجَُها الأخلاق السويّة .. ذلك لأننا أمة لا زالت تحافظ على ذلك الموروث الذي ورثته كابرا" عن كابر حتى أضحى سمةٌ من سماتها ، وقيمة غالية من قسمها ، وأقصد الفضيلة .
نحن لا نريد دروس وعظ من أئمة بعض المساجد الذين ألفوا كتابة النصوص واستظهروها ، فتارة زينوها بحديث ، وتارة دعَّموها بآية ، ليطلعوا علينا بخطبة جمعة تشوبها الركاكة والرتابة ، ولولا بعضٌ من تأثير أصوات بعضهم وقدرتهم على الخطابة، لنام المصلون الذين حضروا لأداء الفريضة .
نحن نريد خطبة جمعة تمس قلوبنا وتفرض علينا الخشوع من خلال تأثُّرنا بما يُطرح فيها من أمور تهم المجتمع وما أكثرها ، أمور بيَّنها الدين بشكل كامل ،وليس لأحد حاجة في أن يُذَكر بها . أمور تتصل بالتعاون والتكافل ومفهوم التواصل والتعامل الفاضل بين الناس ، في سبيل الوصول إلى إنشاء بناء اجتماعي يحافظ على أساسه وعراقته ، إن تزعزع منه حجر ، تزعزع البناء كله . وهذا هو مفهوم الدين .
نحن لا نريد أن نحيي الأتراح ، وفصول تراجيديا المناسبات الحزينة ، فغزة عند البعض بلد التضحيات والصمود ، وغزة عند البعض انفصال وتمرّد .
نحن نريد أن نتعلم كما علّم اليهود أبناءهم وبناتهم بأن العرب مجرمون ، أن يكون لنا تأثيرنا الخاص على أبناءنا وبناتنا بأن فلسطين عربية ، ولم تكن ذات يوم ليهود .
نحن نريد فلسطين عربية قوية بقوة أبناءها وبناتها وشيبها وشبابها ، امة تأبى الاستكانة ، وتتحمل الألم الموجع ، في سبيل الثبات الذي لا يعرفه بعضا" من العرب أعمتهم الأضواء المبهرة ، فانخدعوا بوعود السلام ، بل ودافعوا عن براءة العصابات الإسرائيلية التي تركت في غزة صورا" لا يستطيع التأريخ أن يتناساها ، والأجيال أن تمسحها من ذاكرتها . لا بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك ، فقالوا ببراءتها ورفضوا رفع تقرير دولي يدمغ المعتدي إلى مجلس الأمن ، بحجة أن ذلك يضر بعملية السلام ككل .
نحن نريد فلسطين قوية تؤمن بأنها صاحبة حق ، وأنها صاحبة قرار في أن الحق يجب أن يعود ، وصاحبة تقرير ينبع من إحساسها بالمسؤولية بأن المعركة لابد أنها آتية ، وأن النصر لم يكن ليهدى ، إنما النصر يسقى بالدماء .
وأخيرا" نحن نريد ونأمل . فهل يا ترى سيحقق لنا الجيل الجديد بأصالته العربية ، وإيمانه القومي العزيز في أن ما سلب بالقوة لا يعود إلا بنضال وجهاد تصنعه سواعد تعرف معنى البطولة ، وقيمة الحرية .
ونتمنى ، ونريد ، ونريد ونأمل .
فهل سيأتي يوم تقول فيه الأجيال الجديدة ، كان نصرنا حلم الآباء والأمهات . أرادوا وتمنّوا ، وأعددنا ، وأعدنا .
أحمد عاصم علي آقبيق ( الأموي )
[size=24size]